خلط الحابل بالنابل وقال أن القرآن الكريم يحتوي على ألفاظا هيروغليفية
باحث مصري يزعم: الفرعون المصري توت عنخ آمون هو نبي الله لوط؟!
زعم الباحث المصري سعد عبدالمطلب العدل ان الفرعون المصري الشاب «توت عنخ آمون» هو نبي الله لوط وان الفواجع والإصابات والأمراض التي تصيب المنقبين والأثريين الذين عملوا على اكتشاف مقبرة الفرعون الشاب توت عنخ آمون، بداية من عالم الآثار الإنجليزي هاورد كارتر الذي اكتشف المقبرة عام 1922 وحتى الآن، ليس بسبب ما يسمونه بـ«لعنة الفراعنة» وإنما – حسب رؤية الكاتب- لأنهم تعاملوا مع قبر وجثمان «نبي» هو لوط أوتوت عنخ آمون.
ولأن ما يطرحه الباحث سعد عبدالمطلب العدل في كتابه الجديد الذي مازال تحت الطبع «نبي الله توت»، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمشروعه المرتبط بتاريخ الأديان، والذي فجر جدلاً ضخماً لم يهدأ.
وقسّم الباحث سعد العدل مشروعه الى أربعة أجزاء: الجزء الأول بعنوان «الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم» وفيه يزعم أن الحروف التي تفتتح بها بعض سور القرآن الكريم مثل: ق وطه ون وحم ليست حروفاً حسبما درج كل المفسرين للقرآن منذ نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي «كلمات وجمل» واضحة المعاني اذا ما تمت قراءتها باللغة المصرية القديمة المعروفة بالهيروغليفية، ويستدل على رؤيته بتفسيرات لغوية ودينية شديدة الإحكام والتعقيد. ويرد على الذين يقولون إن ذلك المنهج يتعارض مع عربية القرآن الكريم التي أكد عليها القرآن نفسه، بأن من القرآن ألفاظاً فارسية وسيريالية ذكرها الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل، وهنا – حسب زعم المؤلف – تتسع الرؤية أمامنا.
وفي الجزء الثاني من مشروع المعنون بـ«السبع المثاني ليست سورة الفاتحة» يشير سعد العدل الى ان السبع المثاني التي تحدّث عنها سبحانه وتعالى في سورة الحجر {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم} ليست صورة الفاتحة أو السبع سورة الطوال كما تعارف عليه معظم المفسرين، وإنما هي افتتاحيات السور التي أطلقوا عليها خطأ – حسب وصفه – الحروف المقطعة، فهي 14 أي 2 في 507.
ويضيف في مزاعمه ان القرآن الكريم اشترط عربيته بمقتضى أحد عشر موضعاً في القرآن، بينما لم يشترط عربية السبع المثاني «فواتح السور» ولهذا فقد جاءت من لغة أخرى وهي اللغة المصرية، وهذا يتفق مع الآيات التالية وأسباب نزولها، حيث السبع قوافل اليهودية. وقد أشار الباحث الى ان يهود الجزيرة العربية كانوا لايزالون يتكلمون اللغة المصرية القديمة، وربما كان هذا سبب إسلام عبدالله بن سلام اليهودي الذي أكد للرسول صلى الله عليه وسلم ان القرآن هو من جنس كتاب آخر سماوي غير محرف هو صحف ابراهيم، وكان عبدالله بن سلام يهودياً ابراهيمياً، وكان يهود الجزيرة العربية يهوداً ابراهيميين، وربما كان أحد أسباب إسلام عبدالله بن سلام هو تلك الرموز في أوائل السور التي هي اللغة المصرية القديمة، لغة الخليل إخناتون عليه السلام التي نعرفها من الآن فصاعداً على أنها المعجزة الثانية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم تحت مسمى «السبع المثاني».
أما الجزء الثالث من مشروع الباحث المصري سعد العدل فيقول فيه إن اليهود زوروا تاريخ أبي الأنبياء ابراهيم عليه السلام عندما كتبوا تاريخ الأديان على أساس ان الخليل ابراهيم «عبراني»، وينفي هذا كله ليثبت أن الفرعون المصري اخناتون هو الخليل ابراهيم.
وحسب قول سعد العدل فإن التوراة تشير الى أن الخليل ابراهيم ولد في بابل، وأن الأحداث التي مر بها وقعت كلها في العراق وانه سار بدعوته الى الشام وفلسطين، والقرآن الكريم يؤكد ان خليل الرحمن ذهب الى الجزيرة العربية وأنه وولده اسماعيل قاما بإعادة بناء بيت الله الحرام بمكة المكرمة، ويروي القرآن الكريم كذلك أحداث المواجهة التي وقعت بين ابراهيم وقومه وتحطيم الأصنام وإلقاء ابراهيم في النار، دون تحديد زمان ومكان.
وهذا هو المدخل الذي دخل منه الباحث سعد العدل الى أطروحته «اخناتون أبو الأنبياء»، فهو قد لاحظ ان التوراة لم تذكر شيئاً عن الـ75 عاماً الأولى في حياة الخليل ابراهيم إلا في إطار «فلاش باك» ينظر الى الأحداث من بعيد، وان القرآن الكريم – رغم صدق كل رواياته كما سنرى – لم يحدد جنسية ولا مكاناً لميلاد وحياة الخليل ابراهيم، فلجأ سعد العدل الى الكتب التاريخية والشواهد الأثرية ليظهر أمامه فجأة الملك المصري «امنحتب الرابع» الشهير بـ«اخناتون»، وأول موحد في الحضارة المصرية القديمة، على أنه أبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام، ويسرد المؤلف من خلال الشواهد والأحداث التاريخية قصة «الخليل اخناتون»، بداية من اسم اخناتون الذي يعني في اللغة المصرية العربية «خليل الرحمن» ومروراً بتحطيم اخناتون للأصنام التي أدت الى هجرة لمدينة طيبة مركز الحكم الى «تل العمارنة» - 250 كيلومتراً جنوب القاهرة – حيث أنشأ مدينته الإيمانية التوحيدية، وانتهاء بإشعال قائد الجيش المصري وقتها «حور محب» النار في مدينة اخناتون، واضطراره الى الهروب هو وقومه الى صحراء العريش في سيناء حيث رافقه ابن أخيه الأكبر سمنخ كارع، توت عنخ آمون او لوط حسب قول المؤلف. بعدها وقعت اشتباكات بين أتباع «لوط» وأتباع عمه اخناتون أو الخليل ابراهيم بسبب قلة المرعى والماء انفصل بعدها الفريقان، حيث توجه توت عنخ آمون وأتباعه الى المنطقة الواقعة الآن بين الأردن وفلسطين فيما توجه «الخليل اخناتون» الى الجزيرة العربية او الى «بكة» المباركة حيث وضع قواعد بيت الله الحرام والكعبة المشرفة، ثم اتجه اخناتون بعدها الى العراق حيث أسس مملكة كبيرة. ويفاجئك الكاتب بالقول إن اخناتون هو نفسه «جلجامش» صاحب الملحمة البابلية الشهيرة، وهو نفسه «حمورابي» صاحب المدونة التشريعية التي هي في الأساس صحف ابراهيم التي أشار إليها القرآن الكريم.
ولم يكتف الباحث بذلك وإنما لجأ في كتابه «الخليل اخناتون في القرآن الكريم» الى كتاب الله ليبرهن على أن هذه القصة التي توصل اليها لا تتعارض في أي شيء مع القرآن الكريم. بل إن القرآن – حسب قوله – يؤكدها ويعضدها.
بداية القصة
ويضيف الكاتب سعد العدل بما يشبه الهلوسات إنه بعد معركة قائد الجيش المصري وقتها حور محب واخناتون، أيقن أخناتون أنه لا مفر إلا بمغادرة البلاد فبشّر أتباعه ببلاد كلها نور بعد أن رفضتهم ولفظتهم بلاد الظلام. وبلاد النور هي الحجاز لأن كلمة الحجاز هي الأخرى كلمة مصرية وتعني النور.
ويأتي خبر هذه الرحلة في دليل أثري يصفها بتفاصيلها، وهذا الأثر يسمى «حجر العريش»، وموجود بمتحف الاسماعيلية بمصر. ويبشر نص حجر العريش بأن المكان الموعود الذي سيقلهم هو «باخيت المضيئة» التي هي «بكة» ولأول مرة يزول العجب عندما أطلق القرآن اسم «بكة» على أم القرى مكة المكرمة.
وقد سلك ركب التوحيد الذي أرغم على الخروج الى المنفى طريق حورس الشمالي من قلعة الكبش – أحد أحياء القاهرة – حيث وقعت عملية الذبح والفداء لولده اسماعيل، فلم تسعه الأرض كلها على رحابتها، واستقبلته مكة التي هي باخيت او باكيت أو بكة وجبال النور التي هي أرض الحجاز.
أما لماذا هذا المكان القفر في قلب الصحراء وفي أحضان الجبال؟ فيجيب سعد العدل: إن الاتفاقية التي أبرمت بين قوات مصر الوثنية في ذلك الوقت متمثلة في كهنة آمون وقائد الجيش «حور محب» الذي حكم مصر فيما بعد وبين نبي دعوة التوحيد إبرام الفارس وخليل الله أخناتون كان لابد أن تنص على أن يغادروا الى خارج حدود المملكة المصرية بأسرها التي كانت تضم آنذاك مصر وجنوبها ثم فلسطين وسورية وبلاد نهارينا حتى الفرات، حتى لا يقيموا لهم دولة داخل الدولة المصرية.
وفي الغالب كانت تلك تفاصيل الرسالة التي حملتها الملكة الأم «تيا» عند دخولها مدينة الرب أخت أتون، والجزيرة العربية كانت خارج المملكة المصرية.
وسيظل الحال هكذا لهذه القبيلة على طول التاريخ المصري، فهم ممنوعون من الدخول بالطريق الرسمي – طبعاً الى داخل المملكة المصرية كلها – إلا أن يحصلوا على صك أمان من فرعون مصر، كما فعل يوسف الصديق عليه السلام او بطريق غير شرعي بالتخفي او بطريق آخر هو القوة، وما كان ذلك ضمن برنامج السلام الإخناتوني الإبراهيمي.
وعندما عبروا الحدود الى الجزيرة كوفئ الخليل مكافأتين: الأولى بشّر بولد ذكر في مكان أطلق عليه اسم «تيماء» تيمناً بهذه البشرى، فكلمة تيماء تحمل هذا المعنى في ترجمتها. والبشرى الثانية هي أن يتغير اسمه عند الله من إبرام الى إبراهيم.
الأرض المباركة
ويشير مؤلف كتاب «نبي الله توت» الى أن الأرض التي بارك الله فيها للعالمين هي أرض الجزيرة العربية وليس فلسطين.
ويستدل على مقولته هذه بالآية القرآنية الشريفة: {ونجيناه ولوطاً الى الأرض التي باركنا فيها للعالمين} (سورة الأنبياء: 71).
ويحكى: لما خرج أبو الأنبياء وتبعه ابن أخيه لوط لم يكن لتستقبلهم اي أرض سوى أرض الجزيرة العربية للسبب الذي ذكرناه وهو أنها خارج حدود المملكة المصرية، ولكننا نفاجأ بأن كل كتب التفسير بلا استثناء تجمع على أنها أرض فلسطين، وهذا في حد ذاته خطأ كبير ويناقض في حقيقة الأمر الآية القرآنية التي ينطلقون منها الى هذا المعنى.
{ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره الى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين} (سورة الأنبياء: 81).
ويقولون في تفسير هذه الآية من سورة الأنبياء إن الأرض المباركة هنا هي أرض فلسطين، دون أن ينوهوا الى أي إشكالية في الموضوع، وكأنها بديهية من البديهيات، وهي وللحق ليست بديهية.
فالملاحظ أن الآية التي ذكرناها أولاً هي آية رقم 71 من نفس السورة، أهذه صدفة أم أن الله تعالى أراد أن يورد لنا معلومة جغرافية في خط سير القبيلة الموحدة وأراد أن يشرحها في الآية رقم 81 سالفة الذكر، ولكن ماذا حدث؟ لقد فشلنا في تفسير الاثنتين. ألا يدعو هذا للحسرة!!
ولنحاول الآن أن نسترجع ما فاتهم في تفسير الآية 81: ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره الى الأرض التي باركنا فيها.. فإذا قلنا إن سليمان كان مقر حكمه في أرض الشام فلسطين، فالبديهي أنه عندما تجري الريح مسخّرة بأمره يكون اتجاهها الى مكان آخر وليس الى حيث يقيم، لأن حرف الجر «إلى» يفيد الإرسال في اتجاه آخر غير الذي نحن فيه.
ويكون الأوْلى أن نقول إنه يسيّر الريح الى أرض أخرى غير فلسطين تكون مباركة. فما تلك الأرض المقصودة إن لم تكن أرض الحجاز؟
وقد يثير البعض تساؤلاً: ما الحكم إذن في آية سورة الإسراء {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله}.
ويزعم الكاتب إن المسجد الأقصى المبارك حوله لا يستتبع بالضرورة أن تكون الأرض التي يقع فيها مباركة بالضرورة، إضافة إلى ذلك انه على طول مراحل التاريخ المعروف لم تظهر على أرض فلسطين أي بوادر للبركة، فالحروب والفتن هي السائدة في هذه البقعة إلى يومنا هذا.
فلا يبقى لنا إلا أن نسلم بأن الأرض التي بارك الله فيها للعالمين فحفظها وأمنها هي أرض الجزيرة العربية ولا ريب.
ويكون معنى الآية رقم 71 – من سورة الأنبياء: {ونجى الله ابراهيم ولوطاً من أرض الظـالمين المعتدين الوثنيين الى الأرض المباركة} وهي أرض الجزيرة العربية.
ويكون معنى الآية رقم 81: {سخر الله لسليمان الريح يجريها بأمره الى الأرض المباركة لكل العالمين} التي هي أرض الحجاز. لأنه لا حاجة به للدوران في مكانه بل يسخر الريح لتنقله من أرض فلسطين حيث هو الى أرض الحجاز المباركة حيث يريد.
الأزهر يرد
أما الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد فقد أكد أنه أعد تقريره للرد على كتاب "الهيروغليفية تفسير للقرآن الكريم" بناء على طلب رابطة العالم الإسلامي بذلك، وشدد على أن زعم مؤلف الكتاب بأن القرآن الكريم يضم ألفاظًا هيروغليفية هو طعن في القرآن، وتكذيب لخبر الله تعالى بأنه أنزله "بلسان عربي مبين".
ما رايكم دام فضلكم